...حديث الخرافة

حدثتنا القحنيّة بنت القحنيّة قالت:
ليس خطأ ما يشاع عن الكتّاب و الشعراء  , هم فعلا أبناء الجان أو تحت امرتهم ولكلّ قصّته, منهم من ولد مسكونا بهم ومنهم من أصابه مسّ من أثر السّحر و غيرها من الحوادث و الأعراض و هذا باب تفصّل كتب الفقه شرحه. وفي البحث عن السبب و المسببات بلغنا أنّ صلة القرابة هذه  جعلت معظم الرّسل يستنكرون و يصدّون أهل الشّعر و الكتابة اذ كانوا ينافسونهم معرفتهم بعالم الغيب.
اتكأت القحنيّة كمن سيروي أحداثا سرمدية قائلة:
كنت في بداية أمري أتصدّى لزوّاري من الغيب جاهدة دون علم بما يصيبني و هو ما أضرّ بحالي و دهور أحوالي , الصّحّية منها خاصّة.كنت أخوض حربا أعظم من جرمي دون معرفة بأسلحة القتال , أمّا و قد علمت بما يدور في خاطري و بمن يسكنني فقد أصبحت ممّن لا يحفر لهم جبّ ,ثمّ أضافت ضاحكة و المبسم لؤلؤ وعنبر , تغيّرت الأحوال عندما بدأت في الكلام : كان ذلك في بلاد بعيدة قاحلة وكانت بطني انذاك منتفخة بحمل دام ثلاثين شهرا رأيت فيهم من الغرائب و العجائب ما يصعب وصفه و من الآلام و العذابات ما لا يطاق وزره ,كنت مستلقية على سرير يوم أتى ابليس زاحفا تحت الغطاء , رفع عني غشاء الصّمت قائلا: هلاّ عبدتني؟ سأطلق سراح جنينك و أخلّصك ممّا أنت فيه, هلاّ عبدتني؟ كنت يومها قد تخطّيت باب اليأس و بدأت رحلتي  في السقوط نحو الجحيم...لم يبق له اذا غير اخباري بما آلت له أحوالي و دعوتي للتمرّد على الآتي ...ما كاد يفرغ من كلامه حتى استويت على السّرير مستهزئة: أأنت جادّ فيما تقول؟ ومن السّخف ما قتل! ألم ترى شكلك؟ ألم ترى ما فعل الله بك ؟؟ارحل,ارحل و لا تلتفت اليّ مجدّدا و الاّ و الله ستجدني وليّة صالحة زاهدة الى يوم الدينّ! رحل و تركني لما أنا فيه!. ذهب اللّئيم لكنني كنت متأكدة من رجوعه يوما للانتقام.ورجع.

منذ علمت بذات صدرى فقهت مخابرة نفسي و ما يحيط بها من ظواهر و كائنات غريبة ما انفكت تحاول التقرّب مني و محاورتي. أصبح كل جان مسخّر للإطاحة بي يسقط كالطّير في شراكي و يحيطني برعايته عوض ضرري و كلّ يحاول نفعي فتراهم يتكلمون على لساني , يتحركون بجسدي و انا أشدّهم شدّا كي لا يكشف أمري. و من طرائف ما حدث و صار أن بعث لي آدمي  بجان ليتملّك بفؤادي لكنه وكغيره كشف سرّه و حسم أمره,  يقال في امثالنا : من حفر حبا لأخيه وقع فيه, كان جميل المنضر , عذب الكلمات, أثارني وواقعته في البحر بعدما أجبته  عمّا هو آت لاجله. لم أواقعه عن ضعف أو عن جهل لماهيته, كان فقط يروق لي . فاذا به بعد ما صار, يتحفني بباقة من الأفكار , راودتني الليل كلّه فكتبت منها ما طاب و تذكّرت أحاديث تستنكر اختلاطنا بالجان عند الصّباح...توضأت و أقمت الصّلاة أو لعلني استسلمت للنوم المباح...

Commentaires