حدّقت القارئة في الفنجان كمن
يعرف ما يفعل و قالت:
جيّد...الذي تحبّينه يبادلك
المشاعر و راجل
تساءلت هي في صمت"ترى من
الذي أحبّه؟"
واصلت اللّعوب رقصها بين الخطوط
كمن لن يتوه أبدا في سراديب البنّ الأسود: يحبّك و يموت عليك, متقلّق شويّ هو
المدّة هذه؟؟
نظرت اليها مليئة بالفراغ و استنبطت
إجابة استمدّتها من آخر تجربة لها:" اي...عندو شويّ مشاكل متاع فلوس..."
واصلت الشّعثاء عهرها : خدمتو
ذهب وواصل ...محبوب برشا الرّاجل هذا ..أما تحوك فيه العين و ماكلينو ماكلة...
خمنت طويلا و أرادت أن تسألها
عن أوصافه لعلّها تعرف من الذي يحبّها و تحبّه.كان استنطاق قلبها أصعب الأمور ,
أصعب من الولادة من غير بيريدورال , أصعب من الخيانة و أصعب من جروح الماضي مجتمعة
, ليس لشيئ ...لأنّها عوّدت نفسها بأن لا تثق في مشاعرها و أن تتعامل مع العالم
كلّه بنسبيّة مطلقة ...لذلك لم تكن تعرف من الذي تحبّه...بكت مؤخّرا من أجل أحدهم,
لكنّها غيّبته من حياتها كي لا يتواصل الألم ...تفعلها في كل مرّة و تواصل السّير
...و تسبقها نجاحاتها فتهتزّ فرحا و القلب حزين ...و هكذا دواليك...لكنّها اليوم
أمام قارئة فنجان تحيط بمشاعرها أكثر منها و تجزم أن لها من تحبّه و يحبّها...لم
يكن السّؤال أين و متى هذه المرّة بل "من؟" و مالي لا أراه؟
خرجت من بيت بائعة الكلام فوق سحابة من الظّنون و الأوهام , شقّت الشارع
الأكبر و لمحت نظارات شمسية على واجهة غير بعيدة..ماذا لو اشتريتها؟ سأصبح أجمل و
أغمض ...لعلّ ظلّ الذي لا أراه ينعكس فيها ..كلّهن تلبسن نظارات كبيرة و تصبحن
شبيهات بالذّبابات ... ماذا لو كان حبيبي متستّرا في قمامة ...يترصّد ذبابة حياته؟ مالي أرفض أن أكون
ذبابة؟؟
دخلت المحلّ و اشترت أكبر نظّارات
وجدتها ...قالت البائعة بأنّ وجهها صغير وبأنّ ملامحها ستختفي تماما لكنّها أصرّت على
أن تكون ذبابة الذبابات...ستختفي في الدّيكور الى أن تظهر حقيقة ذلك الحبيب
المجهول .
لم تكن حقا قلقة ...لو كانت منزعجة
من وحدتها لارتبطت منذ زمان لكنّها تهرب
في كلّ مرّة و لم تندم يوما على الهروب, كانت هوايتها المفضلة أن تقرع ابواب
الجيران و تهرب....لكن هروبها منهم اليوم ليس من باب اللّهولبلوغ نشوة بريئة...هي لا تفقه فنّ
البدايات و النّهايات لكن
. علمها بغيب الواقع أعمق من خطوط البنّ و متاهاتها.كانت
فقط تعرف ما يجب عليها فعله الآن
Commentaires
Enregistrer un commentaire