رجل من نور

-لا أحد يتحكّم في المشاعر , هي تدفّق طاقة ما ورائية ليس لنا عليها أيّ سلطان
-الحس وحده هو القادر اذا ما هذّبناه و ارتقينا به
-و ما الحسّ؟
-مخاض الرّوح المكتوم
-عرفت أنّك المختار من ثاني لقاء
-الحسّ صرعك؟
-يمكنك قول ذلك...شعور نادر و منفرد بالأنوثة . كنت أرى أنوثتي في أعين الآخرين...في شهوة أولاد و رجال الحيّ..في أعين الأساتذة, في لهفة زملائي في المعهد للتقرّب مني و الحديث معي ...كنت أراها في حقد أخي عليّ أحيانا و في غضب أبي مني دون أسباب تذكرو في غيرة أمّي وفي خوفها المتزايد عليّ حدّ الهستيريا ,حدّ الجنون أحيانا...كنت أراها في حدّة نظر خالتي و عمّتي عندما ألبس التنّورة ...في بذاءة الباعة و المجهولين في الشوارع ...كنت أراها في تصفير  الذّكور عند خروجي للتحيّة ...كنت أخوض رحلة البحث عن أنوثتي منذ البدء...أراها و لا ألمسها , أحس بها و لا أبلغها ...أصبحت مغرية بعض الشيئ , مستفزّة  حسب البعض...لكن أعتقد أنني  لم أبلغ برّ الأنوثة بعد.
-و ماذا حصل معي ؟
-أحسست بضعفي ...بل فوجئت  بخلل فادح في تركيبتي النّفسيّة ...انتابني شعور بأنني في خطر
-أيّ خطر يخيفك
-أن أسلّم لك نفسي كلّيّا و من الوهلة الأولى ,أن أسقط كلّ اقنعتي ... لا يجب أن أثق تماما في أحد و بتلك السّرعة
-لأنوثتك عليك حقّ ,لجسدك عليك حقّ
-ليس الجسد من ارتعد من لقائك..يحدث أن نرتمي في أحضان لا نعرفها جيّدا و أن نتعوّد عليها رويدا رويدا...لكن شيئا مخيفا كان يجذبني اليك و يدفعني عنك في آن واحد , معك أحسست لأوّل مرّة بحرارة الأنوثة تتدفّق من باطني لتلامس جلدي  ..ليس الخجل من طباعي ... أعتقد أنني تجاوزته من زمان لكن معك تصاعد حياء طفوليّ على وجنتيّ كزنبقة تتصارع مع التيّار قبل خروجها ,ليس هذا  تشخيصا لحرارة الرّغبة, كنت فقط ألامس أنوثتي عن كثب...كحميميّة أوّل مرّة احتلمت فيها... كان اكتشافا رائعا و لذيذا , لا أعلم الى اليوم ما حصل , لم تكن الأجمل و لا الأشهى ...لكنك كنت أنت ...صادق فيما كنت ..كنت انسانا حقّا بألوان حقيقية و بحسّ صادق و بنفس صادق و برائحة لا تكذب ..حقّا لا أستطيع وصف ذلك , لعلّ بعض الظّواهر تفقد معانيها ان حدّدناها ...لذلك سأكتفي بالقول بأنك كنت أوّل حقيقة رجل أحرقتني بضيائها.
-أنا الحقيقة؟
أنت أقرب حقيقة انسان لامستها-


Commentaires