في ازدواجية الصّداقة و معانيها

الكتابة وليدة الاحساس و ان كتبنا لنكتب  وحسب  فنحن لسنا سوى خونة و عملاء للعقل المريد. أهمّ ما في تجربة الكتابة هو الغوص في الذات   .
قلت لي يوما أن تركيبتي الذهنية عويصة على الفهم و أنني غريبة الاطوار ...كثيرا ما أنعت بالمجنونة و أن أفاجئ من حولي بردود فعل تبدو مزاجية و معدومة المعنى .الفرق بين فهمي و فهمهم للواقع هو أنني أستجيب لنداءات عميقة في نفسي ...أشياء لا يفهمها الكثير و يطول تفسيرها لذلك عادة ما ألخّصها لتبريرها  في حين أني مقتنعة بجدواها و لا مجال للتراجع فيها.قد أستمع لخطابات و دروس مطولة تسعى لتحيدني عنها , لكنني أعرف ما يجب عليّ فعله و لا أسمح لنفسي بالنّدم و ان كانت لي ميزة فهي تلك.لا ندم بعد الاختيار بل طرق و مخارج  لا متناهية .هي الحياة و ان توقّفنا فسنكون ضحايا العجز بل سنصبح معوقين اجتماعيين.حلّ المشاكل من أصولها قد يتطلّب وقتا لكن لا يجب أن ننسى  أننا أسياد الوقت (مات ردي تون)و ان كل سنة تمر ونحن تعساء هي بمثابة خمس سنوات من الأعمال الشاقّة و الجهد المهدور.أؤمن بالحركة فالوجود كلّه مبني على الحركة و التحوّل .
لا يعني ذلك ان تكون عديم الاحساس بل ان تتجاوز الصعاب في اسرع وقت و ان تحاول فك المآزق في أسرع وقت و ان تتركها وراءك ان لم تكن فيها فائدة او ان لا  تطيل المحاولة اكثر من الواجب , هنالك زمن للمحاولة و زمن لتجاوز الصعاب ان  استعصت .لا شيئ يستحق و العمر ماض .
تتالت تجارب صعبة في حياتي مؤخّرا و كنت أشعر ببعض من الخيبة و المرارة و أنا أقصها على أحد الأصدقاء , نظر لي مليّا و نصحني بأن لا أتركهم يسلبون مني الرّوح...جميلة عباراته أحيانا هذا الصّديق , الكل يكرهه , حتى أنا أحيانا ...له شوائب كثيرة و يرتكب الكثير من الحماقات لا يتردد في انتهاك أعراض الآخرين و خاصّة منهم النساء , ينعتهن بالعاهرات ثم يفاجئك بمضاجعة نصفهنّ, كثير النميمة و محدود في حكمه على الآخري ..لا يستطيع الاعتراف بنفسه الا و هو يضرب الآخر ...مؤسف أمره لكنه دائم البحث , لا يستقرّ له قرار و هو أيضا ما يجعل انتماءاته السياسية و مبادئه مرتعدة و مادّية .
أخيّر الأناس الاقوياء اجتماعيا مع ضعف البنية  النفسيّة , هم أناس انتهازيون غالبا و لهم قدرة كبيرة على التأقلم , ينقصهم الاعتراف و غياب أصدقاء حقيقيين يضربونهم في نقاط ضعفهم و يرشدونهم نحو الصّدق في الاحساس و التّعامل مع الآخرين  .أعتقد أنّ هذا الضّرب من العباد فقدوا مبكّرا ثقتهم في الآخر و الأسباب تختلف من شخص لآخر.أعتقد أيضا أن بي نزعة لأكون مثلهم أحاربها منذ سنين و لن أتمكّن من السّيطرة عليها إلا بفهمها كلّيا و ان كانت أسبابي غير أسبابهم.

أعود اذا لما قاله ذلك الصّديق و هو نابع من دقة ملاحظة و قراءة عميقة للواقع و لعيناي يومها...الخطر في السّيطرة على الواقع و التحكم النسبي في الأهواء و المشاعر هوفقدان الروح اذ أنّ  تتالي  التجارب  المهنية و الانسانية , سلبية كانت أو ايجابية, قد ينهكنا روحيا... اخترت عملا صعبا واخترت حياة عاطفية صعبة أيضا ...لست من هواة المهن الادارية أو الانضمام الى قطيع المدرّسين في القطاع العمومي و لست أيضا من هواة الخنوع في دورالزوجة التعيسة  شبه السعيدة .

Commentaires