-أين كنت؟
-عند الطّبيب
-وماذا قال؟
-لا شيئ يذكر ,
مدّني بوصفة طبّية
-أيّ دواء؟
-مضادّ للحياة
-ماذا تقصدين؟
-أقراص أتناولها في
الليل كي لا أحلم و في الصباح
كي أحلم بعض الشيء و لا أرى الحقيقة كاملة طوال النهار...
-عزيزتي, هل حقّا
تستحقّينها؟
-ليس في سائر
الأيّام , فقط عندما ترجّني بعض خيبات الأمل
-من آلمك ؟
-نفسي ...
-أتفهّم , شعور
بالغباء و السّذاجة...
-خليط من ذلك و
بعض الإرهاق ...
-هل يمكنني
احتضانك؟
-لا...
-كما تشائين
...ليست لي أيّة خلفيّة
-أعلم , انا
المهووسة لا أنت و أخاف عليك منّي ...
-يجب أن تعالجي انفصام
شخصيّتك هذا
-أحاول... أضحكني
الطّبيب
-كيف ذلك؟
-قلت له أنّني
أريد تجاوز الحالة اعتمادا على قدراتي الذّهنيّة الخالصة و أنّ البوذيّين ليسو
أكثر حكمة منّي إذ أردت فعلا التحرّر فقال لي بأنّهم يتمرّنون عشرين سنة على
الأقلّ قبل بلوغ حالة الطّمأنينة المنشودة و بأنّني سأجنّ يوما مّا إذا تماديت في العناد ,ضحكت لكنّ شيئا في قرارة نفسي لم
يتراجع و ضلّ عازما على الصّمود دون الّجوء إلى حلول خارجة عن جسدي ...هل تعتقد فعلا
أنّني سأجنّ؟
-لا , لكن مع
العمر ستفقدين قدراتك الذّهنيّة ...أنصحك بالمحافظة عليها...
-كأنّك بصدد الجزم
بأنّ جنوني محتم...
-لم أقل هذا,
عانقيني ...
-عناق أصدقاء؟
-ما شئت ...
-لا , لن أعانقك
قبل أن تضمن لي صدق نواياك
-أضمن لك أنّني لن أقبّلك
-و أنّ ذكرك لن
ينتصب!
-أنت مجنونة, كيف لي أن أضمن لك ذلك؟
-إذا لا عناق!
-أففف و هل تضمنين لي أنت بأنّك لن تفكّري في
تقبيلي ؟ و أنّك لن...
-لن ماذا؟
-لا شيء...لم أعد أرغب في عناقك!
-و لا أنا !
صمت ثمّ عناق طويل
-لم البكاء؟
-تعبت ...
-لن يدوم حال ...ها نحن نمشي مع
الماشين...سبحان مغيّر الأحوال كما يقولون...
- تأسلمت؟
-أنا؟يلزمك حقّا تناول وصفة الطّبيب...
-نسيت من تكون للحظة عفوا...
-أنت صديقة العمر الأبديّة
-أعلم أنّك تقولها للكثيرات لكن لا بأس ,
يسعدني أن أعتقد أنّ هنالك في الوجود إنسان أبديّ يمكن الإعتماد عليه وقت الحاجة
-وصديق لك مع ذلك
-و من أين أتيت بوصفة الخلود؟
-من "الجنون" الّذين تعتقدين فيهم
-ليس سوى تلاعب بأشباه الحقائق , أنا لا أؤمن
حقّا بالجان و إلاّ لطلبت منهم التّعجيل في تبليغي طمأنينة البوذيّين ثمّ لماذا
سمّي الهبل جنون و الجان جنون في لغتنا؟
-لأنّك تحاورين "الجنون" عندما
تجنّي
-بل عندما أحنّ, جنّ,
حنّ , هل التّواصل مع الجنون هو بحث عن كائن حنون لا وجود له بين الإنس؟ أكره أن
لا أفهم و تعبت من البحث عن الحقيقة مع أنّ جهدي محدود...يجب أن تشاهد breaking the waves ,
جنون الحبّ كما أعيشه...
-أنت لم تكفّي يوما عن البحث لكنّك غير واثقة
بقيمة الجهد الّذي تبذلين مثل "باس" في الفلم ..
-رائع ,شاهدت الفلم ! ...ذلك ما أتعب خلاياي
العصبيّة لكن سأكتب ...يقولون أنّ لكلّ منّا حكاية عظيمة تروى و أنّ لنا خيارين :
قصّها بطريقة مّا أو الموت حبالى ... يوم تتفجّر بين أحشائنا...
- قنبلة مدمّرة, إمّا أن تنتزع فتيلها و
تعزلها إمّا أن تفجّرك هي
-لا أستغرب أولئك الّذين يفجّرون أنفسهم لكنّ
نشر الدّمار حولهم يبقى لغزا بالنّسبة لي
-هي قنابل الآخرين يغرسونها فيهم و يقنعونهم بعظمتها و أهمّية رسالتها
-و الكلّ في خور يسبحون
-نحن منهم , أتعتقدين أنّ علاقتنا صحيّة و سليمة ؟
-أكره أن تسقط مفاهيم غربيّة على عقليّة و طريقة تفكير عربيّة مبنيّة على إعتقادات بعيدة كلّ البعد عن "الصحّية" و العقل
و السّلامة الذّهنيّة C'est quoi une relation saine ? Et puis
-أعرف موقفك من العادات
و الدين لكن ما الحلّ ؟ أنترك البلاد في
الأعياد و نعود إليها باكين من غربتنا صيفا, نصرف اليوروات و نتشمّس في أبهض الفنادق
و نعيش غربتين في آن واحد , غربة خارج الوطن و غربة فيه ؟
-لا, مواصلة العيش كالخفافيش أحسن
-أحيانا أتمنّى أن أكون أباك ليوم واحد
لأقنعك بلا جدوى الزّواج و لأشرّع لك العيش بحرّية مع من تحبّين
-لم أعرفه كثيرا و لست أدري إن كنت سأثق به
-و لا بي...
-أنا مقتنعة بكلامك لكنّني لا أشعر بالأمان
في علاقة مفتوحة على الجحيم و النّعيم في آن واحد
-و تدوّي أيضا في رأسك أقوال أمّك:"
الرّجال و الزّمان ما فيهمش أمان ..."
يفتح قاموسا و يضع إصبعه على كلمة
"ثقة" و يمدّها بالكتاب
-اقرئي, هل تعنيك هذه الكلمة بشيئ؟
-(تبتسم و تواصل) عندما أكون بين أحضانك
أسلّم نفسي تماما و تكفّ الأسئلة عن محاصرتي لكنّها سرعان ما تعود...
-أحبّك بصدق
-و أنا أحبّك بأصدق ما أوتيت من مشاعر
-و أفكار
-و أفكار...
Commentaires
Enregistrer un commentaire