ذاكرتي انطباعية...لا أسماء و لا تواريخ فيها..
لا مقاطع من قصائد و لا وعي كرونولوجي بالأحداث.كل ما أذكره أنني أحببت بقوة أشياء
و أناس و ان تلك المشاعر كانت محطّاتي و تواريخي الكبرى. لعلّني عاطفية و ساذجة
بعض الشيء ... ولدت و حييت تحت نفس السّماء
و هزّت كياني نفس العواصف و الاعاصير....
لكنّني مررت بنفسي قبل ان تعبرني الأحداث .لم يكن التاريخ خارجا عنّي , أنا
هو... ديناصورة اسطورية تخطو بضع سنوات كي تحمل بشهادتها لغيب ستصادفه بعد الرحيل الأكبر. كل ما اعرفه انّني أنا التّاريخ
. اليوم هو ما علي ان أستوعبه بأقصى ما اوتيت من حس , هو عبئ ليس حكرا على
الجميع. لا تهمّني أسماء السّياسيين و أفعالهم.... ليست قضيّة أفراد, فهمي للواقع
يتجاوز تحركات الاحزاب و التحوّلات والانتقالات
و الوحدات....جئت هنا كي آخذ بشهادة روح الفترة التي واكبتها و مرت بي. سأرحل و أستنسخ
ما رأيته في روح عصر ما.....ان صادفني الحظ سأعود للأندلس مرة أخرى و سأجد أرواحا
اعتدت رؤيتها لأننا و ببساطة نحبّ نفس
الأماكن. بعضهم بلغو اعلى درجات التّذكّر والبعض
الاخر يتوقف برهة...يتعقّلك و لا يعي سبب انفعاله تجاهك. تضحك سرّا وتواصل سيرك. أحيانا يستوجب عليك الاخذ بيد أحدهم لأنه أوشك
بلوغ او تجاوز درجة مّا... و يصادف أحيانا أخرى أن يأتي من هو أعلى درجة منك هناك....قد
يتجسّد في فتى وسيم مذبذب و طائش. ... تعامله كطفل وترمقه من علياء كبرياءك كتائه
لن يجدي فيه الزمن و لن تقوم له قائمة ...او ذاكرة بالأحرى...لكن شعورا غريبا يشدك
اليه بعنف، ادمان مبهم و غامض لم تفكّ سرّه ,قد يكمن في وسامة و راثية اجتمعت فيه -لا
من محض الصّدفة- كلّ ملامحها, في انفعال مزمن كنت قد عاينته في عزيز أهملته, ارتباك
و خوف من مجهول يحاصره كعدوّ طاغ طوّق أسوار مدينته الأخيرة.....فتقرّر البقاء معه,
يشير لك بالفرار عبر سراديب القلعة...بل و يدفعك للرحيل.... لكنك تصرّ على البقاء....
لأنّك سبق و فررت في ملحمة أخرى و ندمت,فجأة تجد جيش اعداءك انت قد لحقو بأعدائه
,فتتهاطل عليكما السّهام و يناديكما عبق الّتراب في نفس اخير ...عيناكما لا تتفارقان و يداكما
الجافتان تشدان بعضهما بقوة استعدادا للرحيل لكن يحصل ما لم تتوقّعه في أقصى ما تخيلت من
أساطير و روايات...لم تتوقع ان تنبت له
أجنحة فيرفعك عاليا....و فيما انت تنظر إليه
بمزيج من الدهشة و الإعجاب , اذ به يستمد من عينيك نارا يرميها على العدو...فيحرق
كل ما كان و يحملك نحو بعد زمنيّ أخر....كحلم
مستحيل عبرت الزمن دون التخلي عن جسدك المدمى. جسمك لم يفنى كي تمر...لأنك وببساطة
في حرمة تنّين.
Commentaires
Enregistrer un commentaire