الحمارة و الملعقة

نهقت حمارة في مستنقع الضّفادع فطربوا لها و صفّقوا طويلا و غرق صغار الضفادع فيما كان الكبار يصفّقون.
قرّرت جمعيات خيرية التكفّل بصغار الضفادع  و عمّت البركة فرحا و سرورا لخمس سنوات لم تسجل خلالها أية حالة غرق اخرى.

ثم  سكتت الحمارة .صمت فوجىء به الجميع   فاستنكروا  صنعها و قرّروا اجتماعا وزاريا مغلقا حضر فيه الوزراء المكلفون و أعيان الشعب .استنطقوا الحمارة الحزينة عن سبب صمتها المفاجىء بعد أن اشبعت الشعب طربا و  عذوبة  فقالت : انتم لستم جديرين بصوتي لأنني احمل في طيات نفسي الدفينة  انوثة باخوسية و أنتم ضفادع  لا حول لكم و لا قوة مع احترامي لتفاعلكم و لنقيقكم اعجابا بصوتي.
لم يفهم أحد معنى كلمات الحمارة لما كانت تحمله من رموز 
قرر وزير الشؤون الداخلية التحرّي و اجرى بحثا دقيقا عمّا ازعج الحمارة في الأيام الأخيرة فوجد خلية سرية لكسر الحوافر خلسة.  قرر القضاء عليهم جميعا و ارسل رؤوسهم إلى الحمارة لكنها أصرت على الرحيل و تركت رسالة لمحبيها "رضيت بكم مستمعين لكن حان الأوان  لاستمع لصدى نفسي في الوجود."
لم يفهم المستمعون قولها ثانية و عمّت الفوضى و  دخل الجميع في ازمة عميقة نشب اثرها شقاق بين مؤيدي الحمارة و  بين من لم يفهموا و بين من ارتبكو في شعور مبهم بمن رضوا بالهم و الهم لم يرضى بهم.

ضرب رئيس الوزراء راسه و صاح حسرة و شعر البقية بالياس و الأسى اذا ما غاب صوت الحمارة عن آذانهم. 
و تذكر وزير الذبذبات السمعية بأنه أصم فاصيب بإحباط مزمن.السبب ici
و بكت نساء الضفادع في طريقها لمقبرة السميع بعد وفاة الضفدع الأكبر بسكتة قلبية من وقع الصدمة (لحسن الحظ فاق التسعين من العمر ). مقبرة  السميع متواجدة في الضفة الشمالية من مستنقع مدينة السخافة.

 تفاوض الوزراء طويلا و طويلا ثم قرروا ان يشيدوا صرحا لتكريم الحمارة على مشوارها العظيم و تفانيها في خدمة الذوق العام .و تهاطلت اقتراحات الفنانين الضفادع حول صيغة التمثال و شكله فمنهم من اقترح مكبّر صوت من رخام و من اقترح مايكروفونا من فضّة و من اقترح سراجا مطرّزا للحمارة لكن و بعد تمحيص عميق و اجتماعات مكثفة قررت لجنة التكريمات اختيار تمثال ملعقة من الذهب الخالص اعتبارا لخدمة الحمارة و تفانيها في الرقيّ بذوق الضفادع.

احضروا الذّهب من تركيا لصنع التمثال و أقاموا الصّلاة في البركة الوسطى و دشّنه وزير الذبذبات السمعية الجديد و رئيس الحكومة الباسل.
لم يشهد المستنقع حدثا فنّيا أكبر من ذلك التكريم بعدها و سجلت سنة من الصمت بعد رحيل الحمارة .

كان ذلك كله قبل حلول البغل بينهم في أوائل القرن الثاني و العشرين.



Commentaires